
تربى في بيت عريق بالمجد و الشرف بقرية زوطر الغربية من اعمال النبطيه ,وفيها نشأ و ترعرع و أخذ المبادئ الاولية من الكتابة و القراءة على والده الشيخ سليم شمس الدين ,الذي انتقل به الى بلدة حناويه قضاء صور,وكان ذلك في عام 1321هـ ، فتتلمذ بادئ ذي بدء على المرحوم الشيخ ابراهيم عز الدين , صاحب المدرسة الدينية آنذاك , فقرأ بعض المقدمات كالنحو والصرف و المنطق و البلاغة .
وكان المرحوم والده صاحب مدرسة يعلم فيها القرءان والخط,و عندما زار حناويه احب اهلها فتزوج من كريمة احد المؤمنين من آل تاج الدين رزق منها اولاداً اشهرهم الشيخ حسن و الشيخ زين العابدين فجعل والدهما من حناويه محل اقامته و بذلك سنحت الفرصة لولده الشيخ حسن ان يلتحق بمدرسة حناويه الدينية كما ذكرنا .
وكان نعم الطالب المكب على الدرس و كثيراً ما شجعه أستاذه و حثّه على المتابعة في التحصيل مبشراً إياه في مستقبل زاهر لانه كان المجلّى بين أقرانه ثم طُلب الى عكا للامتحان فاجتازه بسهولة لثقته بنفسه على البحث و المواظبة .ولذا فقد اعفته الدولة التركية من الخدمة العسكرية ,و اخيراً رأى ان الهدف المنشود لا يبلغه الاّ بالهجرة الى النجف الاشرف كعبة العلم والدين -فهاجر اليها سنة 1330ه دون ان يعلم به احد حتى ابويه,وساعده على الهجرة طموحه الواسع و رغبتع المُلّحة الى طلب العلم ,و اصطدم بعقبات منذ السنة الاولى من دخوله العراق, و كان لصبره الفضل الاكبر في البقاء هناك.
هجرته الى العراق و دراسته :
وفي العراق التحق بالجامعة النجفية و تتلمذ على نخبة من العلماء الاعلام نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر ,الميرزا حسين النائيني والسيد ابو الحسن الاصفهاني و الشيخ ضياء الدين والميرزا الشيخ كاظم الشيرازي .
وما ان قضى حوالي عشر سنوات حتى كان من المبرزين بين العلماء الافاضل ,لما يمتاز به حدة الذكاء و سرعة الحافظة ,وظل مثابراً على التحصيل الى ان نال درجة الاجتهاد.
العودة الى الوطن :
ونظراً لرسائل النخبة من وطنه والحاجة الماسة اليه جعلته يلبي النداء بالرجوع الى وطنه سنة 1347هـ بعد ان مضى عليه في النجف الاشرف زهاء سبعة عشر عام غرف خلالها من مناهل العلم ما يؤهله ان يكون في الرعيل الاول من العلماء, وقد منحه اساتذته الشهادات العلمية العالية التي لم ينل مثلها الا القليل من العلماء .
ويحسن بنا ان نذكر انه صار للشيخ الجليل عند رجوعه الى وطنه استقبال كبير .
كانت حناويه و جوارها تنتظر وصول الشيخ العائد من هجرته العلمية على مشارف البلدة ,مزينة بالاعلام .مرتلة اهازيج الفرح لاستقبال عالم كبير جاء يعيش بين ظهرانيهم,يبين لهم امور دينهم ودنيانهم و يفض نزاعاتهم بالحكمة والرضا فالمنطقة كانت متعطشة آنذاك لامثاله بعد فقد عدد كبير من علمائها المجتهدين ….
ومما يحسن ذكره ان الشيخ حسن درّس في النجف الاشرف وتخرّج على يده جيل من العلماء الافاضل اقطفوا أثره وسلكوا مسلكه حتى اصبحوا في طليعة العلماء البارزين ,اضف الى ذلك انه كان يتحلى بالصفات الحميدة وهو مثال في العفة والكرم.حريص اشدّ الحرص على توجيه المجتمع التوجيه الصحيح,وكان وصولاً للرحم ولاصدقائه على الغم من كبر سنه.
ولم تقتصر جهود الشيخ الجليل على الارشاد والتبليغ واصلاح ذات البين ,بل تعدّاها الى تأّسيس جمعيّة خيريّة تعنى بشؤون المساجد في المنطقة لما لهذه المساجد من حاجة الى ترميم او تأهيل ,ولكن سير هذه الجمعية توقف بعد انتقاله الى عالم البقاء.
سيرته الطيبة :
عاش الشيخ حسن شمس الدين حياة زاهرة بالمبرات زاخرة بالتقى والعبادة ,عزوفاً عن مفاتن الحياة ,قضى كل عمره في خدمة الشعب يحل مشاكله الصغيرة منها والكبيرة ,كما تعترف بذلك منطقة جبل عامل ,ولم تتح له الفرص ليؤلف ويصنف لان مشاكل ابناء وطنه كانت وقفاً عليه,فيحلها بما عرف عليه من حلم واسع وارادة قوية,وكانت بلدة حناوية تؤمها الناس منذ اربعين سنة للاستنارة برأيه واصلاح ذات البين حتى سميت حناويه بأُم القرى ,وله مواقف مشرفة يشهد لها القريب والبعيد,ا تأخذه في اظهار الحق لومة لائم,وكان محب للفقراء وملاذ الضعفاء يستجيب لهم و يتحسس الامهم ,وكان بيته ملتقى العلماء الافاضل من عراقيين و ايرانيين و لبنانيين,وكان بينهم حكماً فيما يختلفون فيه من المسائل الفقهيّة لما يعرفون عنه من الفضيلة وسعة الاطلاع و دقة النظر وقوة الحجة والبرهان.
وفاته:
وهكذا ظلّ في بلده و منطقته يمارس رسالته الروحيّة على اكمل و جه الى ان وافته المنيه صباح الثلاثاء 9 ذي الحجة 1391ه الموافق 25 كانون الثاني 1972م بعد عمر يناهز الثانية والثمانين .
انتقل جثمانه الى النجف الاشرف مع وفد علمي حيث دُفن بجوار مرقد الامام علي عليه السلام عصر الخميس 11 ذي الحجة 1391ه الموافق 28 كانون الثاني 1972م وصلّى عليه الامام الشاهرودي بالصحن الشريف مع عدد كبيى من العلماء العراقيين والعمليين.
اُقيم للشيخ للشيخ الجليل مجالس عزاء في النجف الاشرف عن ورحه الطاهرة مُدّة اسبوع كامل جمع غفير و في مقدمهم,العلماء تليت فيها سيرة سيد الشهداء عليه السلام,وقد اقام كل من الامام السيد الخوئي والامام الشهرودي فاتحة عن روحه الطاهرة اتسّمت بالحزن بالحزن والاسى لفقد واحد من رفاقه المجاهدين.
كما اقيم له في الذكرى السابعة والاربعين حفل تأبيني في حناويه حضره عدد كبير من العلماء و الزعماء والشعراء كما حضرته وفود شعبيّة كثيرة من المنطقة و خارجها.وانهالت على اثر ذلك الرسائل والبرقيات معزّية اخاه الشيخ زين العابدين وأبنائه وآل شمس الدين بوفاة عالم كبير ترك وفاته حُزناً كبيراً في وفاة عارفيه.
وبوفاة هذا العالم الربّاني ,انطوى علم من اعلام الطائفة الشيعية في جبل عامل كان له دور بارز في ترويج أحكام الدين و نشر تعاليمه القيّمة.
رحم الله الشيخ حسن، وآباءه وأجداده، ومشايخ آل خاتون وآل عز الدين وآل شمس الدين ممن كان لهم الفضل في رفع اسم هذه البلدة عالياً، وأطال الله بعمر فضيلة الشيخ شوقي خاتون..